منارات
الحامّة: قلعة النضال الوطني والقومي
بقلم: كمال الساكري
صحيفة الوطن التونسية
من منا لا يسمع بالحامة / حامة قابس طبعا ! ومن منا لا يعرف محمد علي الحامي الزعيم النقابي والطاهر الحداد الحامي والطاهر لسود الحامي والحاج علي بن خضر الحامي إلخ..
لكن من منا يعرف الحامة ويعرف خصوصياتها التاريخية والجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإثْنية..طبعا قليلون.
ما سرّ اختصاص هذه البلدة شبه الريفية شبه الجبلية شبه الحضرية شبه الصحراوية بإنجاب الأبطال والزعماء والمثقفين والمناضلين حتى أنه ولكثرتهم لا نكاد نذكر نقائضهم بالحامة.
لماذا كانت الحامة عبر التاريخ ومنذ فجر التاريخ قلعة للأسود ضدّ المستعمر والغازي والظالم والمستبد "النضال ضد الظلم ورفض المستعمر في هذه المنطقة (الحامة) قديم قدم المدينة نفسها . فقد انطلق من العهد الروماني واستمر إلى معارك الاستقلال 1952 (انظر الهادي وناس الزريبي، الطاهر لسود ص 16 )
لماذا كانت الحامة منذ الرومان سيفا مسلولا على الأعداء ؟ هل هي الأرومة الممتازة للحوامية عبر التاريخ؟ لا أظن ذلك فأبناء الحامّة بشر متميّزون ولكنهم ليسوا متمايزين عن بقية البشر وإلا لآمنا بالنظريات العرقية للشعوب.
فهل التاريخ الخاص للحوامية ؟ قد يكون . ولكنهم يبقون تونسيين.
وهل هي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بهم؟
لا أظن ذلك فأوضاع الحامة شبيهة بكثير من القبائل المجاورة لهم من مربّي ماشية وفلاحين ومزارعين صغار. هل هي الجغرافيا؟ قد يكون فالحامة منطقة شبه صحراوية تجمع بين السهل والجبل وتطلّ على الصحراء فهي توفر تضاريس متنوعة وغراسات مختلفة ومناخات متعددة تصلح للسلم كما تصلح للحرب. ولكن ليست الحامة مختصّة بمثل هذه التضاريس فقربها قفصة وسيدي بوزيد تشبهانها من هذه الناحية. إذا ما الذي يميز الحامة فتمتاز بأرض خصبة للمثقفين والوطنيين والمناضلين و الصناديد؟
إذا لم يكن كل عنصر على حده هو المفسر لفرادة الحامة فإن أغلب الظن أن اجتماع كل تلك العناصر هو الذي يفسّر تميّز الحامة.
ولكن مهما قلبنا النظر وطرحنا التساؤلات فإن في تميّز الحامة سرّا بل أسرارا حان الوقت لمعرفتها حتى نفهم واقعنا وتاريخنا ونكف عن التغني بالماضي دون وعي لمكوناته إننا نعتز بالحامة المناضلة ولكننا نريد ان يتعمم السرّ الحامّي فتتلقح البلاد كلها من المحيط إلى الخليج بحمّى الحامة الوطنية والقومية . أجل لم يقتصر دور الحامة النضالي على تونس وإنما تجاوزها إلى الجزائر وليبيا ومصر وفلسطين ويكفي الرجوع إلى سيرة الطاهر لسود وأضرابه حتى ندرك تلك الحقيقة . حقيقة أن الحامة قلعة النضال الوطني والقومي.